آخر الأخبار

موقع أحداث اليوم الإخباري

الجمعة، 25 أكتوبر 2019

خدير" التعزية تحيى الذكرى الأولى لوفاة الشاب المجاهد عمرو البرطي...



أحداث اليوم- خاص - الدمنة
أحيا اليوم الجمعة ، أبناء مديرية خدير، بتعز، فعالية إلكترونية، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لوفاة المجاهد الشاب، الشيخ عمرو البرطي، أحد أبرز المجاهدين الشباب في المديرية، ضد العدوان السعودي الأمريكي.
وتناولت مادة منشورة في شبكة التواصل الإجتماعي " الفيسبوك" بعنوان" الحاضر في الوجدان ما حيينا "مناقب الفقيد المجاهد، خلال مسيرته النضالية.
أحداث اليوم، يعيد نشرها:
 الحاضر في الوجدان ما حيينا
تحرير خاص:
قبل 360 يوماً، بدأت أحزان آل البرطي، في مديرية خدير بتعز، في مساءٍ تحـوّل ليلًا بهيمًا، وفتح الأبواب لساحة عزاء في مصاب جلل، وياله من مصاب!!
هدّ جدار أرواح الأحبة والأهل، وكل من كان ذا علاقة بالراحل الفقيد الشيخ الشاب الثلاثيني عمرو البرطي.
 حيث تحل اليوم ذكرى مرور عام على رحيل شاب اعتنق الإنسانية، سلوكاً وواقعاً معاشاً، وولى وجهه على الدوام صوب الخير والانتماء للوطن، أرضاً وإنساناً.
من الصعب أن ننسى ماضي وحياة إنسان، كان قريباً منا، يقاسمنا الضحكة، والنكتة، والخبز، كيف لا؟ وهو الشيخ الشاب، الذي تربّى على أن يكون غيوراً على وطنه، وأبناء جلدته، وسنداً لهم، في السراء والضراء.
ليس بوسعنا أن نجمل شريط حياة عمرو، الحاضر الغائب، وحسبنا التذكير بمرور عام على رحيل شاب في مقتبل العمر، أصابتنا فاجعة وفاته في مقتل، وأودت بنا في وادٍ من الأحزان لم تنتهِ بعد.
وظهيرة الجمعة قبل الماضيتين، صافحت أخاه الأكبر، " محمد 40 عاماً " عقب خروجه من (مسجد السلام ) بالدمنة، مركز المديرية، وذكّرته بقرب ذكرى أولى لرحيل شقيقه عمرو، فآثر الصمت، وواصل السير بخطى أشبه بقدمين متورمة، ثم التفت إليَّ قائلاً : الله يرحمه، ويرحم جميع موتى المسلمين، فعمرو من السابقين ، ونحن من اللاحقين.
لم يُخفِ محمد رغبته في الموت حالاً. قالها بغصة؛ ليس لضنك في الحياة، كحال الآخرين، بل لأن الرجل يعيش حياة أشبه برجل "زاهد"، وهذا ما جعلني أرجىء سؤالي له عن الأسباب التي جعلته يتمنى الموت؟
" حسين" 38عاماً" كلما ذكّرته  يعرض وجهه نحو الجدران، ما يكفي لترجمة أحزان لاحدود لها، لكنه قال إنه سيكتب عن الذكرى الأولى، وإن لم يفِ، كما قال: سيراكم أحزان الفقد شهراً فشهراً حتى تنفجر بركاناً، ولو بعد أعوام.
فيما" نشوان 36 عاماً " الأقوى مقاومة للحزن، كلما قابلناه يبستم، وفي تقاسيم وجهه تقرأ أحزاناً، فيشعرك بأنه سيروي شيئاً منها. وعن ذكرياته مع شقيقه الفقيد" عمرو"، لكنه كحال عبارة شهيرة : "عندما تراني أضحك فإنني أفعل ذلك لأمنع نفسي من الاسترسال في البكاء".
" صلاح - 31 عاماً" هو الآخر، أعتقدُ بأنه كان يريد أن يقول كلاماً عن هذه المناسبة، وقد وعد أكثر من مرة، لنكتشف مع مرور الوقت، بأنه كان يحاول التعبير عن حالة فقدان توأم روحه، وحتى إعداد هذه المادة، لم نتلَّق منه حرفاً واحداً، ويحسب له، وليس عليه هذا الصمت، كتعبير عن ألف كتاب، وليس في هروب " صلاح" إلا ترجمةً للقول: " لا تنتظر تفسيراً من شخص فَقَدَ أقرب الناس إليه، ودَعْه يعيش أحزانه، التي لايعلمها إلا خالقهما".

وفيما كنا نستعد لنشر هذه المادة تفاجأنا في وقت متأخر من ليل أمس، بوصول مرثية من " صلاح" رثى فيها شقيقه بأبلغ عبارات الوجع :
" أيها القمرُ المسافـرُ في الوجع المشرئب
فتىً يرتدي حلة من عذاب التين يترك قمصانه للعيون تغسل أوجاعه…
والنخل والزيتون وزهر الياسمين الثمل بأشرعة الصمت يهدر بين النهر والبحر… وتدور الفصول…
أخي الحبيب وقرة عينيّ
إننا لفخورون بأن تكون نصيراً للمساكين والفقراء واليتامى والمستضعفين والباحثين عن النور والعز ورفعة الحق.
أيها الساكنُ داراً خيراً من دارنا..
 أيها الأكرم منا جميعاً..
ها أنا أرثيك.. وكيف أفيك حقك
واسمك العامر عُمراً عالياً بالكبرياء في زمن المأسور صمتاً..
أيها الصاعدُ إلى عالم فوق النجوم.. والشمس في موضع حيرتها،
تشرق فينا بإشراقها وتغرب عنا بغروبها
شروقك فينا نور لا يفنى
وغروبك عنا ذكريات لا تنسى.
 زمانك، أعظم من جراحك، أحلى من حياتك، أسبق من فواتك..
أتذكرك بطلاً مقداماً محباً لدينك ووطنك وشعبك وأمتك..
عاشقاً لآخرتك ساعياً لها بما سخرت الدنيا في طاعتك وعبادتك.
متَّ صامتاً إلا من صوت الرصاص يخترق أجساد عدوك
دمك الأحمر لوّن أماسينا بحمرة حنين الوطن
فارفع جبينك فوق ضوء الشمس فما زلت حياً لم ترحل وإن واريناك الثرى
 فصبحك ينبت ألف صبح ياضمير الأحرار، والمجاهدين والأبطال حيٌ ، وفي صفحات التاريخ صفحة إشراقة وطن.. وقوة
طهارتك جزءٌ من طهارة عرضك وأرضك ووطنك ..
عظمتك جزء من عظمة دينك، وأمتك.
 كل من يعرف عنك شيئاً ظن أن الطيور في السماء تغرد فرحاً برحيلك مبكراً وتخفِق إعجاباً بصبر أبيك وأمك وإخوتك وأحبابك حين خرجوا يحملوك  نعشاً ..
الرجال والشيوخ والأطفال، وحتى الطيور والأشجار، والأزهار زفتك إلى مثواك الأخير.
يا بطلاً بـُورك البيت الذي شعّ نورك منه لتكوِّن أهدافك التي خرجت من أجلها أملاً ونوراً لا تبدده الأيام
تبقى ذكراك أيها العملاق حيّة ترتعش في قلوبنا ووجداننا، وملامحك ترتسم أمام عيوننا في كل حين.
سنجعل من يوم 25/10 /2018  يومًا محفوراً بقلوبنا نستقي منه الدروس والعبر ونتذكرك حياً بيننا لأنك لم تمت في قلوبنا، ولن تموت يا أخي! ولك من بلدتك – مديرية خدير، ومن شعبك وأمتك وإخوانك في الدين والإنسانية ومني ومن أمك وإخوتك خير السلام".
قلت لـ" أكرم- 18 عاما": ماذا في خاطرك بعد مرور عام على رحيل شقيقك " عمرو"؟ فكتب: مرَّ علينا عام على رحيلك، أنا أنتظر متى ستعود؟. لا أصدق أنك رحلت عنا، ومهما ظللت غائباً عنا، ستأتي يوماً.. لامحالة.
ثق ياشيخ عمرو بأنك في القلب، وستظل في قلوب كل أشقائك، وكافة أسرتك الكبيرة.
سألت أكرم: هل من إضافة؟ فقال: عيناي أغرورقت بالدموع، وأنا أكتب هذه السطور، فشعرتُ بأنه "مفكود " حسب التعبير الشعبي الشائع، وسرعان ما ردّ مستطرداً: (ماعرفتوش أكمل، كمّله أنت).
" كمّله أنت"، كشفت عن وجعٍ خفيٍ يسكن "أكرم"، من الغصة بمكان، سرده في موقف آني.
والأسبوع الماضي، أردنا أن نذكّر بهذه الذكرى، عبر صفحات التواصل الاجتماعي ( الفيسبوك) فتلّقت روح الفقيد أمزاناً من الأدعية، مبتهلين إلى الله أن يسكنه فسيح جنانه الواسعة.
 تعلقيات طفت عليها طابع " نكش ألم ذكرى الفقد" لكنها انهمرت بكثير من الاعتزاز والفخر بمواقف الراحل، وجسدت أحزاناً طغت في سياق التفاعلات، يصعب علينا أن نقرأ تفاصيل جراحها، في أعماق كتابها.
الشيخ صدام صادق المحيا، أحد مشائخ مديرية صبر الموادم، بتعز استشَهد في مرثية له، ما قالته العرب يوماً:
ما مات من زرع الفضائلَ في الورى..
بل عاش عمراً ثانياً تحت الثرى
فالذِّكْــرُ يُحْيي ميِّتاً ولرُبَّــما مات الذي ما زال يسمعُ أو يرى.
وعرَّج المحيا على مناقب الفقيد، وذكرياته معه، فقال:تُصادف اليوم الذكرى الأولى لرحيل شيخي ومعلمي وقدوتي
الشيخ / عمرو علي قايد البرطي طيّب الله ثراه.
الرجل الذي عُرف بطيبته وابتسامته التي لم تكن تُفارق مُحياه الطاهر.. خفيف الظل، يتعامل مع الجميع على حدٍ سواء، صغيراً وكبيراً وكهلا، غنياً أو فقيراً.
كان عمرو يمتلك قلباً أبيض وروحاً صافية. ما إن يلتقيه شخص لأول مرة يحبه، يريد الجلوس معه مرات عدة، لبساطته وتواضعه، وحبه لكل الناس دون استثناء.
فالراحل صاحب الأيادي البيضاء، لا مثيل له. لايمتلك رصيداً في البنوك وإنما رصيد محبة واحترام وتقدير في قلوب كل من عرفه، وعاش معه والتقى به، إذا ما ذُكر اسمه لا تسمع إلا كلمات الثناء عليه.
لقد أحبني وأحببته، ولم يبخل عليَّ في شيء، وكانت علاقتي به أكثر من صديق، عوضني فيها عن حنان والدي- رحمة الله عليه.
حقيقةً، مهما كتبت عن هذه الشخصية النقية قلباً وروحاً، لن أفيه حقه أبداً، وكثيراً ما آلمنا رحيله، وشكل فراغاً كبيراً بلا شك، لكن هذه هي الدنيا، وهذا هو عالمها الذي رسمهُ رب العالمين، ولا اعتراض على حكمه.
واختتم المحيا، بالدعاء لصديقه عمرو، بـ" اللَّهُمَّ اجعل قبره روضهً من رياض الجنة".

وصباح الاثنين الماضي قابلنا، الشيخ عبدالباسط الحبيشي، في  الدمنة، وذكرته بالذكرى السنوية لرحيل صديقه الشيخ " عمرو البرطي" فترحم عليه، قائلًا : سيظل حاضراً في وجداني ما حييت.
 قلت للشيخ الحبيشي : وماذا عن ذكرياتك معه؟وحاول التملص، ولم يستطع الصمود أمام غصة لحظية، داهمته، وسرعان ما قال :كثيراً مارافقت الفقيد، ولم أشعر يوما بالضجر معه، كان مرحاً كطفل. عرفته إنسانًا يتمتع بكثير من الصفات الإنسانية.. فهو محاور ذكي، ومثقف مطّلع، أقول مثقف، ليس مبالغة، بل حقيقية.
لقد رحل صديقي، مثلما يرحل النبلاء تباعاً، وهذا هو قدرنا!
فإذا كان الموت يخافه الكثيرون منا، فقد كان عمرو يتغنى به في كل صولة وجولة، وكلما حلّت كارثة بالوطن، قال: الموت لنا، وللوطن البقاء، وهذا هو معدن الرجال الشجعان، والأوفياء لتراب اليمن العظيم، الذي ظل في ضمير الفقيد، حتى النفس الأخير.
عبد الرزاق حميد، الملقب بـ" البرُّوط" من أكثر المتفاعلين مع ذكرى الرحيل، قادني إلى سطح داره ذات نهار، وأشار بيديه إلى قبر الفقيد، وقال إنه يقرأ كل يوم الفاتحة لروح الفقيد، ويطيل النظر من على سطح منزله إلى قبره.
وأضاف: يصعب عليَّ أن أستجمع كل ذكريات الماضي، مع الشيخ عمرو، ذلك أن الفقيد من أبرز أقربائي المخلصين معي، ومع الجميع، أكثر من إخلاصه لنفسه.
يحتفظ "البروط" للفقيد بالكثير من الصور، ومقاطع الفيديو، وقد أطلعني على الكثير منها، ومقاطع أخرى ، قام بدمجها بموسيقى حزينة، لجولات وصولات الفقيد في العشرات من المناسبات الوطنية، والاجتماعية.
علاء جمال البرطي :"صديقي عمرو، لم يكن أي صديق، لا تحدثني عن أعزَّ الناس إلى قلبي، ولا أحتاج إلى من يذكرني بهذه المناسبة، لأنها حاضرة على الدوام، مثلها مثل الأيام الماضية، والتي لايمكن أن تمر مرور الكرام، دون أن يكون الفقيد في بالي.
ويوم الأربعاء الماضي، ذكّرت " شهاب البرطي "بالذكرى الأولى لوفاة الشيخ عمرو، المقـرّب منه أسرياً، فسبقني إلى تحديد تاريخ الذكرى " 25 اكتوبر". فقلت له، ماذا في خاطرك من قول؟ :" من الصعب أن أمر الآن على ذكريات ومواقف سنوات، تجاوزت العقد ونصف العقد. لاتكتب عني شيئاً، ولاتقوِّلني ما لم أقله، لأن المشاعر الخاصة، لايمكن لأحد أن يترجمها ترجمة نصية، ووفاة عمرو ليست  الأولى، ولن تكون خاتمةً لأحزان آل البرطي. فقد توفى الله الكثير من الأحباب، وأعز الأصدقاء، وكان عمرو شاهداً على أحزاني، وقريباً من أوجاعي، يخفف عني الأحـزان، حتى جاء أمر الله، ليخطفه، وقد كان بالأمس الأقرب إليَّ ..شيخاً شامخاً، وشاباً طموحاً، وحليفاً للفقراء، والمحتاجين.
سمير الحمادي: سلاماً على روح الفقيد، حتى مطلع فجر، في ذكرى مرور عام من رحيله القاسي.
 وأي رحيل كهذا الذي تركه شيخ شباب مديريتنا خدير.. يا الله!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Adbox