بقلم -حسن الوريث
كان ابني الاصغر علي يلعب مع شقيقتيه
أمة الله وفاطمة بينما كنت انا وصديقي الصغير عبد الله نتحدث وفجأة تركوا اللعب وسمعناهم وهم في طريقهم إلينا يصيحون العصفورة العصفورة
يابابا .. خرجت اليهم مسرعا انا وعبد الله وبالفعل كانت صديقتنا العصفورة في بلكونة
الشقة تنقر بخفة على الزجاج تريد الدخول ففتحنا لها النافذة ودخلت وهي في حالة منهكة
وقبل أن اسمح لها بالحديث طلبت من الأولاد الصغار ان يحضروا لها ماء وحبوب وبعد أن
اكلت وشربت بدأت تحكي لنا ماحصل لها.
قالت لنا صديقتنا العصفورة.. اولا اعتذر
عن الغياب الطويل لكني كنت اتجول بين المحافظات والمديريات والقرى في نزهة واجازة إجبارية
بعد أن طلبت مني ذلك نزولا عند طلب ذلك الشخص العزيز على قلوبنا جميعا .. سألها صديقنا
العزيز عبد الله وكيف كانت رحلتك ؟ وهل يمكن ان نستفيد من مشاهداتك في تلك المناطق
التي زرتيها؟ قالت له بكل سرور ولكن اسمحوا لي ان ابدا من حيث انتهيت في رحلتي وهو
الأمر الذي جعلني أقطع الاجازة واعود اليكم .. قلت لها تفضلي وكلنا أذان صاغية .
قالت لنا صديقتنا العصفورة كنت في مديرية
المراوغة بمحافظة الحديدة وبالتحديد في مستشفى كمران الخيري حيث المكان مقفر والمستشفى
مغلق وهذا مالفت انتباهي وحاولت ان اتنقل هنا وهناك لمعرفة سبب هذا الإهمال للمستشفى
فقيل لي ان هناك خلاف بين مؤسسة كمران ومكتب الصحة العامة والسكان بمحافظة الحديدة
على إدارة المستشفى وكل طرف يشد من جهته ولا يريد تقديم اي تنازلات فكانت النتيجة هذا
الوضع المتدهور وربما في قادم الأيام يشهد المستشفى اغلاقا تاما .
قلت لها حسب علمي ان إحدى المنظمات
هي من يدير المستشفى فما الذي تغير حتى تتنافس الصحة مع كمران عليه ؟
اجابت صديقتنا العصفورة سمعتهم ايضا
يتحدثون بهمس عن رغبة في السيطرة فقط على المستشفى لكن في واقع الأمر ان الجميع تخلى
عنه .. الوزارة والمحافظة والمديرية ومؤسسة كمران حتى المنظمة غادرت بسبب خلافاتهم
ونقلت دعمها إلى مكان آخر ما أدى الى حرمان
المديرية من الدعم العلاجي الذي تقدمه المنظمة للمستشفى حيث كانت تقوم بصرف أدوية الأمراض
المزمنة والحالات النفسية شهريا للمرضى
وفي حال انقطاعها ستشكل عبئا كبيرا
على المريض وعلى أسرته في ظل الظروف الصعبة ناهيكم عن عيادة الأطفال والطوارئ وعيادة
النساء والولادة وكروت التحويل للحالات الطارئة إلى مستشفى الثورة العام بالحديدة على
حساب المنظمة والتي توقفت مؤخرا نظرا للخلاف .
قال لي صديقي الصغير .. الا يعرف هؤلاء ان هذا المستشفى
وضع لخدمة الإنسان أولا واخيرا وهو خيري وليس قطاعا تجاريا حتى يتم النزاع ويحرم المجتمع
من الخدمة الإنسانية .
قالت لنا صديقتنا العصفورة .. لقد سمعت
من الناس هناك ان 200 حالة نفسية كانت تأخذ علاجها شهريا اقل وصفة علاج بخمسة وعشرين
الف ريال و 300 حالة ضغط وقلب ياخذون علاجهم شهريا و 300 حالة سكر و100 حالة تكسرات الدم يتم معالجتهم ويتابعون علاجهم وفي حدود 10 حالات تكون جديدة و10
حالات ضغط وقلب وسكر والرقم الذي خسره المستشفى من المنظمة بسبب الخلاف يقدر ب 300
مليون.
قلت لها هذه فعلا من الكوارث التي حلت
بنا ما ان نشاهد مشروع بدأ ينجح حتى نهب كلنا للسيطرة عليه فتكون النتيجة كما يحصل
في مستشفى كمران وغيره الكثير من المشاريع.
قال لي صديقي الصغير بذكائه المعهود
.. لماذا تزاحم وزارة الصحة على هذا المشروع وتريد ادارته بينما هي فاشلة في إدارة
كافة المستشفيات والمراكز والوحدات الصحية في مختلف المحافظات وتريد إضافة فشل جديد
لها ؟ قالت له صديقتنا العصفورة أنه حب السيطرة والتملك ليس الا .. وهذا الامر ليس
يخفى على أحد وكان بقليل من الحكمة من الوزارة والمستشفى ان يتم الاتفاق على رؤية مشتركة
للاشراف على المستشفى بعيدا عن الصراع وطالما والمستشفى يعمل ويخدم الناس فهذا هو المطلوب.
قلت لصديقي الصغير وصديقتنا العصفورة
.. هكذا يحدث عند غياب العقل والحكمة من الجميع وعندما يكون الوزير مشغول بأمور أخرى
والمحافظ بعيد وتركوا الحبل على غاربه لمسئولين صغار يتصارعون فيما بينهم ويتركون مصالح
الناس بل أنهم بهذا يكونوا جزء من المشكلة والتعقيد كما في مستشفى كمران الذي سيكون
إغلاقه مأساة كبيرة على أبناء المديرية وسكانها الفقراء الذين يستفيدون من خدمات هذا
المشروع .
قالت العصفورة وصديقنا الصغير عبد الله
وأخوته الاصغر أمة الله وعلي وفاطمة وانا .. سنتوجه اليوم برسالة إلى من يهمه الأمر
بوضع حد لما يجري في مستشفى كمران كي يستمر في تقديم خدماته للمواطنين البسطاء وفق
آلية سهلة وميسرة وتكامل الأدوار بين وزارة الصحة ومكتبها في المحافظة والسلطة المحلية ومؤسسة كمران والمنظمة الداعمة وعدم ترك الأمور
تسير وفق رغبات البعض لليسطرة والتملك وتدمير المشاريع.. نتمنى ان تكون رسالتنا وصلت
وان نرى حلولا قريبة وليس وضع إذن من طين وإذن من عجين فخدمة الناس تتطلب غير ذلك
..
تحياتنا انا وصديقي الصغير وأخوته والعصفورة
وانا لكم جميعا وان شاء الله تكون هذه العودة للعصفورة أكثر تميزا وتنقل لنا الأخبار
والمعلومات والحقائق ومعاناة الناس لنعمل جميعا على معالجتها خدمة للوطن والمواطن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق